لا يُعلم على وجه اليقين متى بدأت أي لغة من لغات العالم، فاللغات استعملها أصحابها استعمالًا شفاهيًّا حتى تهيّأ لهم أن يدونوها بطرائق مختلفة من التدوين، بدأت بالتصوير فالتعبير عن مقاطعها بالرموز حتى كانت إلى الأبجدية التي هي أسمى طرق تدوينها بما اتصفت به من التجريد للحروف المعبرة عن الأصوات، ومن هنا نجزم بأنه لا أحد يزعم معرفة متى كانت اللغة العربية، فما وصل إلينا منقولًا بالمشافهة قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم في القرن السادس بعد الميلاد نصوص عالية في نضجها توحي بأنها مستندة إلى رصيد لغوي قديم.

واختلف المتناولون تاريخ اللغات فـ”لقد بحث المستشرقون في هذا الموضوع ولا يزالون يبحثون فيه؛ فمنهم من وجد أن العبرانية أقدم اللغات السامية، وأقربها عهدًا بالأم، ومنهم من رأى أن العربية على حداثة عهدها جديرة بالدراسة والعناية، لأنها تحمل جرثومة السامية، ومنهم من رأى القِدَم للآشورية أو البابلية”(1)، ومثل المستشرقين اهتم العرب، قال جواد علي “وقد شغل علماء العرب أنفسهم بموضوع اللغة السامية، أو لغة سام بن نوح بتعبير أصحّ، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك، ذهبوا إلى البحث في لغة آدام أبي البشر وفي لغة أهل الجنة. وقد سبق لليهود والنصارى أن بحثوا في هذا الموضوع أيضًا، في موضوع لغة آدام أي لغة البشر الأولى، التي تفرّعت منها كل لغات البشر حتى اليوم. وقد ذهب بعض علماء العربية إلى أن العربية هي اللسان الأول، هي لسان آدم؛ إلا أنها حُرّفت ومُسِخَت بتطاول الزمن عليها، فظهرت منها السريانية، ثم سائر اللغات. قالوا: (كان اللسان الأول الذي نزل به آدم من الجنة عربيًّا، إلى أن بَعُد العهد وطال، فحُرِّف وصار سريانيًّا. وهو يشاكل اللسان العربي إلا أنه محرف). وقد أدركوا ما أدركه غيرهم من وجود قرابة وصلة بين العربية وبين السريانية، فقال المسعودي: (وإنما تختلف لغات هذه الشعوب، أي شعوب جزيرة العرب، من السريانيين اختلافًا يسيرًا)” (2).
ولا صحة للقول بأن العربية نشأت مع إسماعيل عندما نشأ وتربى بجوار قبيلة جرهم، فاللغة التي تكلمتها جرهم ونشأت منها عربية إسماعيل، هي العربية.
ردد بعض اللغويين المحدثين وبعض الكتاب الزعم بأن اللغة العربية هي أصل اللغات، وهو مواصلة لزعم بعض القدماء، ومن أشهر المحدثين عبدالحق فاضل في كتبه (مغامرات لغوية) و(تاريخهم من لغتهم) و(العربية أم الألمانية) و(أخطاء لغوية)، وقال بالتأثيل والترسيس أي إعادة اللفظ إلى أصله، وهو يزعم أن اللغات كلها ترد إلى العربية، والأب إنستانس الكِرمِلي في كتابه (نشوء اللغة العربية ونموها واكتهالها)، زعم فيه أن اللسان العربي فوق كل لسان، ومحمد أحمد مظهر في كتابه (العربية أصل اللغات كلها)، وتحية عبدالعزيز إسماعيل في كتابها (اللغة العربية الفصحى أم اللغات الهندية والأوربية وأصل الكلام)، وقد فند هذا الزعم د.حمزة المزيني في كتابه (التحيز اللغوي)(3). فهذا الزعم لا يعتمد على حقيقة علمية بل هو نتاج تعصب لغوي. والدليل أن العربية لم يكن لها نظام كتابي حتى استعارته من النبطية عن الآرامية، وظهر الخط الحجازي الساذج الذي كتبت به المصاحف ثم ناله التطور والإحكام بالشكل والإعجام.
وبالجملة لا أحد يجزم بأقدمية أي لغة من لغات العالم، ولا يعرف مبدأها على وجه اليقين.
__________________
(1) جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، 1: 254
(2) جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، 1: 256.
(3) حمزة المزيني، التحيز اللغوي، 61-67
.

ثَمَّ لبسٌ ووهمٌ يقع عند بعض الباحثين بين الأحمر البصري أبي محرز خلف بن حيان المُتوفَّى في حدود 180هـ ، ومعروفٌ في تراجم النحويين واللغويين بخلف الأحمر، وبين الأحمر الكوفي علي بن المبارك المتوفى سنة 194هـ      
وقد وقع في هذا اللبس بعض النحويين المتأخرين، منهم أبو البركات الأنباري؛ إذ ذكر في كتابه الإنصاف في مسائل الخلاف ، في سياق المسألة الزنبورية، إقبالَ خلفِ الأحمر الكوفي على سيبويه يسأله ويُخطِّئُه حتى قال له سيبويه : “هذا سوء أدب”، قبل قدوم الكسائي عليه. وكذا ذكر في المصدر نفسِه مذهبًا لخلف الأحمر الكوفي في عامل الفاعل والمفعول، فنسب له أن عامل الفاعل معنى الفاعلية، وعامل المفعول معنى المفعولية. وممن وقع في الوهم بينهما من المتأخرين ابن عصفور الأشبيلي، وهذا ما نصَّ عليه أبو حيان في التذييل والتكميل؛ إذ قال: “ولا يجوز الفصل بالقسم بين رب ومجرورها، وأجاز الأحمر الفصل به بينها وبين مجرورها النكرة، نحو: ربَّ - واللهِ - رجلٍ عالمٍ لقيت.
والأحمر هذا هو علي بن المبارك الأحمر الكوفي تلميذ الكسائي ومسائل سيبويه مع الفراء في المجمع الذي جرى فيه ذكر المسألة الزنبورية. ووهم ابن عصفور، فنسب هذا المذهب لأبي محرز خلف الأحمر البصري، فقال: وأجاز خلف الأحمر. ووهمه في ذلك إطلاقهم الأحمر، فظن أنه خلف “، وينظر تنبيه أبي حيان كذلك في المسألة نفسها في كتابه ارتشاف الضرب.ويبدو أنه على مثل هذه الروايات المُلْبِسَة شاع بين بعض المحدثين نسبة خلف الأحمر للمذهب الكوفي، والحق أن من ذكر المسألة الزنبورية – غير الأنباري في الإنصاف – من المتقدمين والمتأخرين نصّوا على أن الأحمر سأل سيبويه، ولم ينصّوا على خلف الأحمر، وهُمْ يقصدون بذلك علي بن المبارك الأحمر، فوقع الوهم على أنه خلف الأحمر، وهو ليس بذاك .

والله الموفق !



شاع في استعمال المحدثين قولهم (ناهيك عن) في معرض الثناء أو التأكيد، وهو استعمال خالف ما جاء عند القدماء مبنى ومعنى، إذ ورد (ناهيك به) و(ناهيك من)، مثال ذلك في لغة القدماء قول الزمخشري عن العلَم المركب تركيبًا إسناديًّا: “كما سموا: بتأبَّطَ شرًّا، وبرِقَ نحْرُهُ، وشابَ قرناها. وكما لو سمى: بزيدٌ منطلقٌ، أو بيت شعر. وناهيك بتسوية سيبويه بين التسمية بالجملة والبيت من الشعر، وبين التسمية بطائفة من أسماء حروف المعجم، دلالة قاطعة على صحة ذلك”(1). وقول ابن السراج “وتقول: هذا رجلٌ، ناهيكَ من رجلٍ، وهذه امرأة، ناهيتك من امرأةٍ، فتذَكر (ناهيًا) وتؤنثه لأنه اسم فاعل”(2). وقول ابن السرّاج أتوقف فيه؛ لأنه مجرد قياس نحوي غير معزز بشاهد، ولم يتابعه في استعمال هذا أحد ولم يردّد قوله نحوي بعده، حسب اطلاعي، ولم يردّد قوله سوى صاحب الصحاح ومن نقل عنه، ولم نر المطابقة في قول الزمخشري الذي أوردته قبله، ونجد استعمال الناس بعده بالتذكير والإفراد، كما أفرد وذكّر اسم التفضيل، ومن هذه النصوص التي أسوقها للتمثيل من غير ترتيب تاريخي:
قال الزمخشري: “وإذا كان الأمر مباحا من جميع جهاته ولم يكن فيه وجه من وجوه القبح ولا مفسدة ولا مضرّة بزيد ولا بأحد، بل كان مستجرا مصالح، ناهيك بواحدة منها أن بنت عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمنت الأيمة والضيعة ونالت الشرف وعادت أما من أمّهات المسلمين”(3).قال ابن الرومي:إذا الأرض أدّت ريع ما أنت زارعٌ … من البذر فيها فهي ناهيك من أرض(4(قال الصنوبري:ناهيك من فضّة تجري على ذهب … ماء من النّور في ماء من اللهب(5) 
قال بشار:تكلّف القول والأقوام قد حفلوا … وحبّروا خطبا ناهيك من خطب!)6)
ونجد هذا الاستعمال في كتب عدد من المؤلفين(7).وقد خطّأ استعمالَ المعاصرين أسعد خليل داغر وغيره(8)، قال “وتراهم يُخْطِئون في استعمال (ناهيكَ)، فيأتون به بمعنى (علاوة على) أو (فَضْلًا عن)، فيقولون: “ناهيك عن تَحَوُّل قُوَّتَيِ البُخارِ والكهرباءِ إلى نُورٍ وحرارة”، و”هو بارِعٌ في صناعته ناهيك عن مَعْرفَتِه لبعض اللغات الأجنبية”، وفي كتب اللغة أن (ناهيك) كلمة تَعجُّب واسْتِعْظام؛ تقول “ناهيك بزَيْدٍ كاتِبًا” كما تقول: حَسْبُك. وتأويلها أنه يَنهاكَ عن طَلَب غيره. وتقول: “زيدٌ رجلٌ ناهيك مِن رجل”، أي: كافِيكَ”(9).والحق أنّ المحدثين أهل لغة يحق لهم أن يطوروا استعمالات لغتهم ما لم يفسد هذا بناءًا صرفيًّا أو تركيبًا نحويًّا، وهم في قولهم (ناهيك عن) قيدوا العامل بحرف جديد يلبي ما أرادوا التعبير عنه، ولذلك وفّق أستاذنا أحمد مختار عمر إلى تصحيح الاستعمال، قال “أوردت المعاجم التعبير «ناهيك من» في مثل: هو رجل ناهيك من رجل، بمعنى حسبك وكافيك، وفي المصباح: ناهيك بزيدٍ فارسًا كلمة تعجُّب واستعظام، ويمكن تصحيح الاستعمال المعاصر حملًا على المعنى الأصلي للتعبير، وهو: «ناهيك عن تواضعه»، وهو ما يفيده التعبير: «بلهِ تواضعه» الذي يعني «اترك تواضعه»؛ فهو أمر معروف مُسلّم به”(10).والفرق بين الاستعمالين أن ما بعد حرف الجر في استعمال القدماء مطابق لما قبله، وأما في استعمال المحدثين فما بعد الحرف مغاير لما قبله، يقول القدماء: هذا رجل ناهيك به وناهيك من رجل، أي حسبك به وحسبك من رجل، ويقول المحدثون هذا رجل كريم ناهيك عن والده، أي بلهِ والدَه.ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 (1) 
الزمخشري، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل(دار الكتاب العربي – بيروت، الطبعة: الثالثة – 1407 هـ)، 1: 28.
(2) 
 ابن السراج، الأصول في النحو (2/ 34)
(3) 
 الزمخشري، الكشاف، 3: 542.
(4) 
 عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي، التمثيل والمحاضرة، تحقيق: عبد الفتاح محمد الحلو (الدار العربية للكتاب، الطبعة: الثانية، 1981م، ص100.
(5) 
 محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء، 1: 791.
(6) 
 الشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي العلوي، أمالي المرتضى غرر الفوائد ودرر القلائد، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم (دار إحياء الكتب العربية (عيسى البابي الحلبي وشركاه، الطبعة: الأولى، 1954م.، 1: 139.
(7) 
 انظر: نهاية الأرب في فنون الأدب (13: 3)، خزانة الأدب وغاية الأرب لابن حجة الحموي (1: 181)نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب ت إحسان عباس (2: 59) و(3: 560)، المغرب في حلى المغرب (2: 434).

 (8) منهم محمد العدناني، معجم الأخطاء الشائعة، ص254، وصلاح الدين زعبلاوي، معجم أخطاء الكتاب، ص628، وجودة مبروك محمد، المعجم الوجيز في الأخطاء الشائعة والإجازات اللغوية، ص101، وعبدالله الدايل، انظر:
http://www.aleqt.com/2010/02/17/article_350967.html
 (9) 
أسعد داغر، تذكرة الكاتب (كلمات عربية للترجمة والنشر/ القاهرة،2012م) ص 57.
(10)
 أحمد مختار عمر، معجم الصواب اللغوي (عالم الكتب- القاهرة، الطبعة: الأولى، 2008م) 1: 746.




مقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّد المرسلين.
أمّا بعدُ : فرسالة ذمّ الخطإ في الشعر لابن فارس مع صغرها رسالةٌ مُهِمّة؛ لأنها تحمل رأيًا رافضًا لفكرة التسويغ للشعراء ارتكابهم لما سُمّي بضرائر الشعر، كما تنبئ عن رأي ابن فارس في الضرورة المختلفِ عن رأيه في الصاحبيّ بشكل ما، إذْ أجاز في الصاحبيّ 468 – 471 بعضَ ما منعه في ذمّ الخَطَإ.
والصاحبيّ مَعْنِيٌّ بالشعر وضرائره؛ فقد عقد بابًا للشعر في كتابه الصاحبيّ : ص 471، وذكر في آخره كتابًا آخر قائلًا عنه : “وما سِوَى هَذَا مما ذَكِرَتِ الرُّواةُ أنّ الشُّعَراءَ غَلِطُوا فِيهِ فقد ذكرناه فِي “كتاب خُضارة” وهو “كتاب نَعْتِ الشِّعْرِ” [جاء في اللسان : “وخُضارَةُ، بالضم : البحر، سمّي بذلك لخُضْرَةِ مائه، وهو معرفة لا يُجْرَى، تقول : هذا خُضَارَةُ طامِياً” فلعلّ ابن فارس سمّاه “خُضارَةَ” لعِظَمه وسعةِ مادته العلمية].
وهذه الرسالة حظيت بتحقيق أد رمضان عبد التواب الذي لم يَأْلُ جُهدًا في إقامة النصّ وتخريج شواهده وتتبعها في مصادر كثيرة، زادت على 20 مصدرا لبعض الشواهد، وهي عادته في تخريج الشواهد إلى حدّ أن شيخنا الطناحي – رحمهما الله كليهما – ذكر أنّهم كانوا يتندّورن على ما اعتاده د رمضان من تخريج الشواهد تخريجا مبالغًا فيه، فقالوا : لو ذُكِرَ الشاهدُ في صحيفة الأهرام لذكرها د رمضان في مصادر التخريج.
وكانت الرسالة قد نشرتها مكتبة القدسي مع كتاب الكشف عن مساوئ شعر المتنبي المطبوع عام 1349 هـ، كما ذكر د رمضان في وصف المخطوطات ص 11، وقال عن هذه النشرة : “وهي نشرة تخلو من التحقيق العلميّ، ولا تفطن إلى ما في أصلها من الأخطاء والتحريفات، ولم يشر ناشرها إلى أصلها المخطوط …”.
وقد صدّر د رمضان الرسالة بمقدمة ص 3 – 10، هي في حقيقتها مقال بعنوان : الصواب والخطأ في اللغة سجل فيه رأيه وموقفه من ضرورات الشعر يمكن تلخيصه في الآتي :
يذهب إلى أنه “ليس في اللغة صواب مطلق ولا خطأ مطلق، وإنما هي مسألة عرفية بحتة، فالخطأ اللغوي هو مخالفة المألوف الشائع من الكلام في عصر من العصور لمن يتكلم بلغة ذلك العصر” ص 3.
ويقول : والضرورة الشعرية عند جمهور العلماء العرب عبارة عن مخالفة المألوف من القواعد في الشعر، سواء أُلجئ الشاعر إلى ذلك بالوزن أو القافية، أم لم يُلْجأ، ثم يعلق على ذلك بقوله :
“وهم بهذا التعريف يبعدون بالضرورة الشِّعرية عن معناها اللغوي, وهو : الاضطرار ممّا يجعل قبول رأيهم هذا ضربًا من إلغاء التفكير المنطقي, والتحكم بغير دليل أو برهان, فإن الضّرورة الشعرية في نظرنا ليست في كثير من الأحيان إلا أخطاء غير شعورية في اللغة, وخروجاً على النظام المألوف في العربية, شعرها ونثرها, بدليل ورود الآلاف من الأمثلة الصَّحيحة في الشعر والنثر على سواء, غاية ما هنالك أن الشَّاعر يكون منهمكاً ومشغولاً بموسيقى شعره, وأنغام قوافيه, فيقع في هذه الأخطاء عن غير شعور منه”. ص 6.
ثم ينتهي إلى : “أنه لا صحَّة لما يتردد على ألسنة القوم, من أنَّ الضرورة الشِّعرية رخصة للشَّاعر, يرتكبها متى أراد, لأنَّ معنى هذا الكلام أن الشَّاعر يباح له عن عمد مخالفة المألوف من القواعد, وهو ما يتعارض مع ما وصل إلينا من أخبار الشُّعراء في القديم, والله أعلم” ص 10.
وعلى الرغم من هذا المجهود المشكور المبذول من د رمضان عبد التواب إلا أنّ عدم شرحه للضرورات في عدد من الشواهد الواردة في الرسالة مع رغبتي في أن أنشرها بصيغة الوورد word خدمة للباحثين ليتمكنوا من نسخها أو أجزاء منها، ومع رغبتي في شرح الضرورات في الشواهد، أقدمت على نشر هذه الرسالة محافظا على النص كما أثبته محققه رحمه الله إلاّ ما كان من زيادة ضبط واقتراح إضافة واحدة، وترقيم الشواهد تسلسليا، وما عدا ذلك أكتفي بالتعليق عليه في الحواشي، كما أفردت البحث في الشواهد خارج حواشي النصّ.
___
/ 17(1) بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
وبِهِ نَسْتَعِيْنُ.
قالَ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ فَارِسٍ بْنِ زكريّا، رحمه اللهُ تعالى.
إنّ اللهَ خلَقَ خَلْقَهُ، كَما شَاءَ ولِمَا شَاءَ إظْهارًا وعَلَمًا للرُّبُوبيّة، وخلَقَ آدَمَ عليه السلام، وفَضَّلَهُ على سائر الخَلْقِ بالبَيَانِ الَّذِي آتَاهُ، والنُّطْقِ الَّذِي علَّمَهُ إيَّاه، وأَنْشَأَ لآدَمَ عليه السَّلَامُ ذُرِّيَّةً، واختار مِنْ ذُرِّيَّتِهِ صَفْوَةً اصْطَفَاهُمْ لِلنُّبُوَّةِ وأقامَهُم لِتَبْلِيْغِ الرِّسَالةِ، وعَصَمهم من كُلِّ شائِنَةٍ، ونزَّههم عن كُلِّ دَنِيَّةٍ.
وكان سائرُ البَشَرِ بعد الأنبياءِ عليهمُ السَّلامُ أَخْيَافًا(2) ؛ فشَقِيٌّ وسعيدٌ، وعالِمٌ وجاهِلٌ، ومُحِقٌّ ومُبْطِلٌ، ومُخْطِئٌ ومُصِيْبٌ، إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأُمُوْرِ المُتَضَادَّةِ، فلو لَمْ يكُنْ جَهْلٌ لَمْ يُعْرَفْ عِلْمٌ، ولو لَمْ يكُنْ خَطَأٌ لَمْ يُعْرَفْ صَوَابٌ، لأَنَّ الأشياءَ تُعْرَفُ بأَضْدَادِها.
والَّذِي دعانا إلى هذه المقَدِّمَةِ أنَّ نَاسًا من قُدَمَاءِ الشُّعَرَاءِ ومَنْ بَعْدَهُم أَصَابُوا في أكْثَرِ ما نَظَمُوهُ مِنْ شِعْرِهم، وأخْطَأُوا في اليَسِيْرِ من ذَلِكَ؛ فجعلَ ناسٌ مِنْ أهْلِ العربيّةِ يُوَجِّهُوْنَ لِخَطَإِ الشُّعَرَاءِ وُجُوْهًا، ويتمَحَّلُونَ لِذَلِكَ تَأْوِيْلاتٍ؛ حتّى صَنَعُوا فيما ذَكَرْنَاهُ أبْوَابًا وصَنَّفُوا / 18 في ضَرُوراتِ الشِّعْرِ كُتُبًا؛ فقال مِنَ العُلَماءِ بالعربيَّةِ في بابٍ تَرْجَمَهُ بِما يَحْتَمِلُ الشِّعْرُ :
اِعْلَمْ أَنَّهُ يجوزُ في الشِّعْرِ ما لا يجوزُ في الكلامِ،… [وحَذْفِ ما لَا يُحذَفُ يُشَبِّهُوْنَهُ بِمَا قَدْ حُذِفَ(3)] واسْتُعْمِلَ مَحْذُوْفًا(4)، كقوله :
1/ قَوَاطِنًا مَكَّةَ مِنْ وُرْقِ الحَمِي
يعني : أَنَّهُ أرادَ : الحَمَامَ؛ فحذفَ المِيْمَ، وحَوَّلَ الأَلِفَ يَاءً.
وكقوله :
2/ دَارٌ لِسَلْمَى(5) إذْهِ مِنْ هَوَاكا
وكَقَوْلِ الآخَرِ :
3/ نَفْيَ الدَّرَاهِيْمِ(6) تَنْقَادُ الصَّيَارِيْفِ(7) / 19
وكَقَوْلِ الآخَرِ :
4/ فَلَسْتُ بِآتِيْهِ ولَا أَسْتَطِيْعُهُ = وَلَاكِ اسْقِنِي؛ إِنْ كانَ مَاؤُكَ ذَا فَضْلِ(8)
وكقولِ الآخَرِ في إبرازِ التّضْعِيْفِ :
5/ أَنِّي أَجُوْدُ(9) لِأَقْوَامٍ وإِنْ ضَنِنُوْا(10)
قال : “ويحتمِلون قُبْحَ الكَلَامِ حَتَّى يَضَعُوْهُ في غَيْرِ مَوْضِعِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقِيْمٌ ليس فِيْهِ نَقْصٌ(11)”
ويُنشِدُوْنَ : / 20
6/ صَدَدْتِ فأَطْوَلْتِ الصُّدُوْدَ وقَلَّمَا = وِصَالٌ عَلَى طُوْلِ الصُّدوْدِ يَدُوْمُ
ويُنشِدُوْنَ :
7/ وصَالِيَاتٍ كَكَمَا يُؤَثْفَيْنْ
قال : “ولَيْسَ شَيْءٌ يُضْطَرُّوْنَ إليه إلّا وهُمْ يُحَاوِلُوْنَ لَهُ(12) وَجْهًا، وما يَجُوْزُ في الشِّعْرِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ أَذْكُرَهُ(13)” هذا كُلُّهُ قَوْلُ سِيْبَوَيْهِ.
قال ابنُ فارسٍ : ولم يكنْ قَصْدِي لِذِكْرِهِ(14) إفرادًا لَهُ في هذا البابِ دُوْنَ سائرِ أهْلِ العَرَبِيَّةِ مِنَ الكُوفييّن والبَصْرييّنَ؛ لأنَّ كُلًّا أو الأكْثَرَ وقعوا في مِثْلِ ذَلِكَ : / 21
قال ابن فارس فيُقالُ لِجَمَاعتِهم : ما الوَجْهُ في إِجازةِ ما لا يَجُوْزُ إذا قاله شاعِرٌ؟ وما الفَرْقُ بينَ الشّاعِرِ والخَطِيْبِ والكَاتِبِ؟ ولِمَ لا يَجُوْزُ لِوَاحِدٍ مِنَّا أنْ يَقُوْلُ لِآخَرَ : لستُ أقْصِدُكَ ولَاكِ اقْصِدْنِي أَنْتَ، وأَنْ يَقُوْلَ لِمَنْ يُخَاطِبُهُ  : فَعَلْتُ هذا كَكَمَا فَعَلْتَ أنت كَذَا؟
فإِنْ قَالُوا : لِأَنَّ الشُّعَرَاءَ أُمَراءُ الكَلَامِ!
قِيْلَ : ولِمَ لَا يكُوْنُ الخُطَبَاءُ أُمَرَاءَ الكَلَامِ(15)؟ وَهَبْنَا جَعَلْنَا الشُّعَرَاءَ أُمَرَاءَ الكَلَامِ، لِمَ أَجَزْنَا لِهَؤُلَاءِ الأُمَرَاءِ أَنْ يُخْطِئُوا، ويَقُوْلُوا مالَمْ يَقُلْهُ غَيْرُهُمْ؟
فإِنْ قَالُوا : إنّ الشّاعِرَ يُضطَرُّ إلى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُرِيْدُ إقامةَ وَزْنَ شِعْرِهِ، ولو أَنَّهُ لَمْ يفعلْ ذَلِكَ لَمْ يستَقِمْ شِعْرُهُ، قِيْلَ لهم : ومَنْ اضْطَرَّهُ أنْ يقُوْلَ شِعْرًا لا يستقيمُ إلا بإِعْمالِ الخَطَإِ؟ ونحنُ لَمْ نَرَ، ولم نَسْمَعَ بِشاعِرٍ اضْطَرَّهُ سُلْطَانٌ، أو ذُو سَطْوَةٍ بِسَوْطٍ، أوْ سَيْفٍ إلى أنْ يَقُوْلَ في شِعْرِهِ ما لا يَجُوْزُ، وما لا تُجيزونَهُ أنتم في كَلَامِ غَيْرِهِ.
فإِنْ قَالُوا : إنَّ الشّاعِرَ يَعِنُّ له مَعْنًى فلا يُمْكِنُهُ إِبْرَازُهُ إلّا بِمِثْلِ اللّفْظِ القَبِيْحِ المَعِيْبِ، قِيْلَ لهم : هذا اعتذارٌ أَقْبَحُ وأَعْيَبُ؛ وما الَّذِي يَمْنَعُ الشّاعِرَ إذا بَنَى خَمْسِينَ بَيْتًا على الصَّوَابِ أَنْ يَتَجَنَّبَ ذَلِكَ البَيْتَ المَعِيْبَ، ولا يكونُ في تَجَنُّبِهِ ذَلِكَ ما يُوْقِعُ ذَنْبًا أَوْ يُزْرِي بِمُرُوْءَةٍ؟
8/ ومَنْ الَّذِي اضْطَرَّ الفَرَزْدَقَ إلى قَوْلِهِ : / 22
وعَضُّ زمانٍ يَا ابْنَ مَرْوانَ لَمْ يَدَعْ = مِنَ المالِ إلاَّ مُسْحَتًا أو مُجَلَّفُ
إلى أَنْ قالَ :
9/ من قتل وأما أس(16)
ولو أَنَّهُ أَعْرَضَ عن هذا المَلْحُونِ المَعِيْبِ؛ لكان أحْرَى بِهِ؛ مَعَ قَوْلِهِ :
10/ تَرَى النّاسَ ما سِرْنا يَسِيرُونَ خَلْفَنا = وَإنْ نَحْنُ أَوْمَأْنَا إلى النَّاسِ وَقَّفُوْا(17)
ومَنْ ذَا الَّذِي اضْطَرَّ القائلَ إلى أنْ يَقُوْلَ :
11/ كَأَنَّا يَوْمَ قُرَّى إ = نَّما نَقْتُلُ إِيَّانَا(18) / 23
وَقَدْ أمْكَنَ أنْ يَقُوْلَ : إنما نقتل أَنْفُسَنا في غير هذا الوَزْنِ من الشِّعْرِ، إذْ كانت أوزانُ الشِّعْرِ وبُحُوْرُهُ كَثِيْرَةً.
ومَنْ ذَا الّذِي اضْطَرَّ الآخَرَ إلى أَنْ يَقُوْلَ :
12/ ومِحْوَرٍ أُخْلِصَ مِنْ مَاءِ اليَلَبْ
حتّى احتاجَ المُتَكَلِّفُوْنَ بَعْدَهُ إلى أنْ يتأوّلُوا لَهُ التأويلَ بَعْدَهُ(19)؟
وأَيُّ خَطَإٍ أَقْبَحُ مِنْ قَوْلِ القائلِ في صِفَةِ دِرْعٍ :
13/ … مُحْكَمَةٍ مِنْ صُنْعِ سَلاّمِ
فإنَّهُ لَمْ يَرْضَ أَنْ جَعَلَ الصَّنْعَةَ لِسُلَيْمانَ وهِيَ لِدَاوُدَ عليهما السَّلَامُ = حتَّى جعَلَ اسْمَهُ سَلَّامًا!!.
وهذا كَثِيْرٌ، وليس الغَرَضُ إثباتَهُ لِكَثْرَتِهِ وشُهْرَتِهِ؛ ولكنَّ الغَرَضَ الإِبَانَةُ عَنْ أَنَّ الشُّعَرَاءَ يُخطئُوْنَ كَما يُخْطِئُ النّاسُ، ويَغْلَطُوْنَ كَمَا يَغْلَطُوْنَ.
وكُلُّ الَّذِي ذكَرَهُ النَّحْوُيِّوْنَ في إجَازةِ ذَلِكَ والاحتجاجِ لَهُ جِنْسٌ مِنَ التَّكَلُّفِ، ولَوْ صَلَحَ ذَلِكَ لَصَلَحَ النّصْبُ مَوْضِعَ الخَفْضِ والمَدُّ مَوْضِعَ القَصْرِ، كَمَا جَازَ عِنْدَهم القَصْرُ في المُدُوْدِ. / 24
فإِنْ قَالُوا : لا يجوزُ مَدُّ المَقْصُوْرِ؛ لِأَنَّهُ زيادةٌ في البِنَاءِ، قِيْلَ : لا يجوزُ قَصْرُ المَمْدُودِ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ في البِنَاءِ ولا فَرْقَ(20).
وهذا آخِرُ ما أَرَدْنَاهُ في ذَا المعنى، واليَسِيْرُ مِنْهُ دَالٌّ على ما وراءَهُ، وباللهِ التَّوفيقُ إلى الصَّوَابِ.
وصَلَّى اللهُ علَى سَيِّدِنا مُحَمّدٍ وعلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
تَمَّ، والحَمْدُ للهِ علَى ذَلِكَ.
الحواشي :
1. أرقام صفحات رسالة ذمّ الخطإ في الشعر – بتحقيق د رمضان عبد التواب.
2. “والأَخْيافُ الضُّروبُ المختلفة في الأَخْلاق والأَشْكالِ. والأَخْيافُ من الناس : الذين أُمُّهم واحدة وآباؤهم شَتى. يقال : الناسُ أَخْيافٌ أَي لا يَسْتَوُون، ويقال ذلك في الإخوة، يقال : إخوةٌ أَخيافٌ. والأَخْيافُ اختلاف الآباء وأَمهم واحدة، ومنه قيل : الناسُ أَخياف أَي مختلفون، وخَيَّفَتِ المرأَةُ أَولادَها : جاءت بهم مختلفين” اللسان : خيف.
3. تكملة لا بُدَّ منها، ولعلها سقطٌ في الأصل، ولم يثبتها د رمضان عبد التواب. وأمّا إسقاط ما قبلها فلعله مقصود عند المؤلف.
4. انتقى ابن فارس من نص سيبويه بعض النصوص عن الضرورات التي لم يظهر له ورودها في القرآن والنثر. ولعله ترك ضرورات أخر لاستعمالها في غير الشعر، فلا يعدّها من الضرورات مثل صَرْفِ غير المصروف.
5. في الكتاب وغيره : لِسُعْدَى
6. في الكتاب : الدّنانيْر.
7. ورد البيت كاملًا في الكتاب، وسيأتي الحديث عنه، في دراسة الشواهد اللاحقة :
8. هذا البيت سابق لبيت الفرزدق في الكتاب، وبينهما شاهدان آخران.
9. في تحقيق رمضان : أحود (بالحاء)، خطأ طباعة.
10. ورد البيت تامًّا في الكتاب، وسيأتي حديث عنه.
11. الذي في الكتاب (نقض) بالضاد المعجمة، وبالمعجمة هي الراجحة عندي حسب السياق.
12. في الكتاب : به.
13. نصّ كلام سيبويه : “وما يَجُوْزُ في الشِّعْرِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ أَذْكُرَهُ لَكَ هَهُنَا؛ لأَنَّ هذا مَوْضِعُ جُمَلٍ وسَنُبَيِّنُ ذلك فيما نَسْتَقْبِلُ إنْ شاءَ اللهُ”.
14. يعني ذِكره سيبويه.
15. أقرّ ابن فارس في الصاحبيّ إمارتهم قائلًا ص 468 : “والشُّعراءُ أُمَراءُ الكَلامِ، يَقصُرُون المَمْدُودَ، ولا يَمُدُّون المقصُورَ، ويُقَدِّمُونَ ويُؤَخِّرُونَ، ويُومِئُونَ ويُشِيْرُونَ، ويَخْتَلِسُونَ ويُعِيْرُونَ ويَسْتَعِيْرُونَ. فأمّا لحنٌ فِي إعرابٍ أَوْ إزالةُ كلمةٍ عن نَهْجِ صواب، فليس لهم ذَلِكَ”.
16. بحثتُ عنه فلم أجده، وقد قال د رمضان في الحاشية : هذا ما في المخطوطتين، وأما المطبوعة ففيها : “وما أسر”، ولم أعثر على البيت المطلوب في شعر الفرزدق ولا في ما رأيت من المصادر ..!” انتهى كلامه.
17. ليس فيه ضرورة، وأورده ابن فارس تثريبًا على الفرزدق الذي يفاخر بتبعية الناس له؛ ثم هو يخطئُ في لغته، وهو القدوة.
18. من شواهد الكتاب، وسيأتي البحث فيه.
19. مكررة، وربما كانت كلمة أخرى لم تتبين للمحقّق، ولا لي.
20. له رأي آخر في الصاحبيّ ص 468 فقد أجاز للشعراء قصر الممدود.
شواهد ذَمِّ الخطإ في الشعر
1/ قَوَاطِنًا مَكَّةَ مِنْ وُرْقِ الحَمِي
هذا شطرٌ للعجّاج في ديوانه 1/ 453 ورقمه في الأرجوزة 47 برواية : أوَالِفًا مَكَّةَ مِنْ وُرْقِ الحَمِ، وقبله مما يتصل بمعناه : وَرَبِّ هذا البَلَدِ المُحَرَّمِ = والقَاطِنَاتِ البَيْتَ غَيْرَ الرُّيَّمِ
أراد : مِنْ وُرْقِ الحمامِ، قال عبد السلام هارون رحمه الله [حاشية كتاب سيبويه 1/ 26] : “وفيه أوجه : أنْ يكونَ حذَفَ الألفَ والميمَ وجَرَّ باقي الكلمة بالإضافة، وألحقها الياءَ لِوَصْلِ القافية، أو أنْ يكونَ حذَفَ الألفَ فقط، فصار الحَمَمُ ثم أبدل من الميم الثانية ياءً؛ استثقالا للتضعيف، كما قالوا : تَظَنَّيْتُ في تَظَنَّنْتُ، ثم كسر ما قبل الياء لئلّا تُقْلَبَ أَلِفًا، فصار الحَمِي، أو أنْ يكونَ حذَفَ الميمَ للترخيم في غيرِ نداء، فأبدل من الألف ياءً، عن الشنتمريّ واللسان”.
وفيه شاهدٌ على صرف ما لا ينصرف (قواطن)، ولم ينصّ عليه سيبويه، وشاهدٌ ثالث لَمْ ينصّ عليه أيضًا وهو أنّ اسمَ الفاعل المجرَّدَ من أَلْ يعملُ عملَ الفعلِ النصبَ ولو كان جمعًا، قَوَاطِنًا مَكَّةَ.
2/ دَارٌ لِسَلْمى إذْهِ مِنْ هَوَاكا
لم تُعرف نسبتُه، وقال هارون في الحاشية : “ذكر البغداديُّ في الخزانة : أنَّ هذا البيتَ مِنَ الأبياتِ الخمسين التي لَمْ يُعلم قائلها، ولا يُعرف له ضميمة. ثم قال : ورأيت في حاشية اللباب أنّ ما قبله : هَلْ تَعْرِفُ الدَّارَ عَلَى تِبْرَاكا، [هذا الكلام في الخزانة 2/ 5، 6، تحقيق الشيخ هارون نفسه، وجديرٌ بالذكر أنّ د رمضان، رحمه الله، كتب عن أسطورة الأبيات الخمسين في كتاب سيبويه في كتابه : بحوث ومقالات في اللغة من ص 89 – 140]
قال هارون في حاشية الكتاب 1/ 27 : “وقد سكّن الياء من هِيَ؛ للضرورة، ثم حذَفها ضرورةً أخرى؛ تشبيها لها بعد سكونها بالياء اللاحقة في ضمير الغائب؛ إذا سكن ما قَبلَه كقولك : عليْهِ ولَدَيْهِ، وبالواو اللاحقة أيضًا في نحو : مِنْهُ، وعَنْهُ”.
3/ نَفْيَ الدَّرَاهِيْمِ تَنْقَادُ الصَّيَارِيْفِ :
هذا عجز بيت الفرزدق، قال سيبويه رحمه الله 1/ 28 : “ورُبَّمَا مَدُّوا مِثْلَ : مَسَاجِدَ، ومَنَابِرَ؛ فيقولون : مَساجِيْدَ، ومَنَابِيْرَ؛ شَبَّهُوْهُ بِمَا جُمِعَ على غَيْرِ واحِدِهِ في الكَلَامِ، كما قال الفَرَزْدَقُ :
تَنْفِي يَدَاهَا الحَصَى في كُلِّ هَاجِرَةٍ = نَفْيَ الدَّناَنِيْرِ تَنْقَادُ الصَّيَارِيْفِ”.
وكلام سيبويه كافٍ في بيان الشاهد.
4/ فَلَسْتُ بِآتِيْهِ ولَا أَسْتَطِيْعُهُ = وَلَاكِ اسْقِنِي، إِنْ كانَ مَاؤُكَ ذَا فَضْلِ
من شواهد الكتاب 1/ 27، للنَّجَاشِي الحارثيّ، والشاهد فيه : (لاكِ) يريد : لكِنْ، فحذف النون لالتقاء الساكنين ضرورةً.
5/ أَنِّي أَجُوْدُ لِأَقْوَامٍ وإِنْ ضَنِنُوْا
عجز بيت، ورد تامًّا في الكتاب 1/ 29، أراد : ضَنُّوْا؛ فَفَكَّ التضعيفَ ضرورةً، قال سيبويه : “وقد يَبْلُغُوْنَ بِالمُعْتَلِّ [أراد بالمعتلّ : ما يشمل المعتلّ والمضعّف، (حاشية هارون)] الأَصْلَ فيقولونَ : رادِدٌ في : رَادٍّ، وضَنِنُوْا في ضَنُّوْا، ومررتُم بِجَوارِيَ قَبْلُ :
قال قَعْنَبُ بنُ أُمِّ صاحِبٍ :
مَهْلاً أَعَاذِلَ قَدْ جَرّبْتِ مِنْ خُلُقِي= أَنِّي أَجُوْدُ لِأَقْوَامٍ وإِنْ ضَنِنُوْا”
مضعّف الثُّلاثيّ حكمه عند إسناده للضمائر ما يأتي : الماضي : إذا أسند إلى ضمير رفع متحرك، وهو : تاء الفاعل، ونا الفاعلين، ونون النسوة، وجب فكّ الإدغام، تقول : مددت، مددنا، مددن، ويجب الإدغام فيما عدا ذلك.
والمضارع : إذا أسند لنون النسوة وجب الفك، تقول : هنّ يحجُجْنَ، وإذا أسند إلى ألف الاثنين أو واو الجماعة، أو ياء المخاطبة، وجب الإدغام. وكذلك يجب الإدغام إذا أسند إلى اسم ظاهر، أو ضمير مستتر، ولم يكن الفعل مجزوما، فإن جزم الفعل جاز الفك والإدغام، تقول : لم يشدّ، ولم يشدد. والفَكّ أكثر، قال، تعالى : {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِر}، {وَلْيُمْلِلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَق}.
والأمر : إذا أسند إلى ضمير رفع متحرك، وهو نون النسوة، وجب الفكّ، تقول : اُحْجُجْنَ، وإذا أُسند إلى ضمير رفع ساكن، وجب الإدغام، وإذا أسند إلى ضمير مستتر، جاز الأمران، والفكّ أكثر، قال تعالى : {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ}.
6/ صَدَدْتِ فأَطْوَلْتِ الصُّدُوْدَ وقَلَّمَا = وِصَالٌ عَلَى طُوْلِ الصُّدوْدِ يَدُوْمُ
قال سيبويه 1/ 31 : “ويحتمِلون قُبْحَ الكَلَامِ حَتَّى يَضَعُوْهُ في غَيْرِ مَوْضِعِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقِيْمٌ ليس فِيْهِ نَقْضٌ؛ فَمِنْ ذلك قولُهُ :
صَدَدْتِ فأَطْوَلْتِ الصُّدُوْدَ وقَلَّمَا = وِصَالٌ عَلَى طُوْلِ الصُّدوْدِ يَدُوْمُ
وإنما الكلامُ : وقَلَّ مَا يَدُوْمُ وِصَالٌ”.
وفي الكتاب : نقضٌ بالضاد، وفي ذم الخطإ : نقصٌ، بالصاد.
والبيت ينسب لِعُمرَ بن أبي ربيعة ولِلمَرّار الفَقْعَسيّ، قال هارون في الحاشية : “وفيه تقديمُ “وصال” وهو الفاعل، على فعله وهو يدومُ؛ لأنّ قلَّ هنا مكفوفة، بما فلا تعملُ في الفاعل. وجعله بعضُهم فاعلًا لفعل مقدّر قبله، أي قلّ وصالٌ، وبعضهم جعل (ما) بعد قلَّ زائدة لا كافّة، فارتفع بها الفاعل” انتهى كلامه، وهذه الآراء نوقشت في كتب أخرى كثيرا.
7/ وصَالِيَاتٍ كَكَمَا يُؤَثْفَيْنْ
من شواهد سيبويه على تغيير أحكام الألفاظ ضرورة، قال : “وجعلوا ما لا يَجْرِى في الكَلَامِ إلاَّ ظَرْفاً بمنزلةِ غَيْرِهِ من الأسْماءِ … ثُمّ قال : “وقال الأعشى :
ومَا قَصَدَتْ مِنْ أَهْلِهَا لِسَوائِكا
وقال خِطامٌ المُجاشِعيّ :
وصَالِيَاتٍ كَكَمَا يُؤَثْفَيْنْ
فعلوا ذلك؛ لأَنَّ معنى سَواء معنى غَيْرٍ، ومعنى الكافِ معنى مِثْلٍ”
وللنحاة تخريجاتٌ أُخَرُ، انظر خزانة الأدب 2/ 313 – 316، وقد ذكر ابن فارس هذا الشطر في الصاحبيّ 40، وقال عنه مع أبياتٍ أُخَرَ : “وكُلُّ ذا من أغالِيطِ مَنْ يغلَط، والعرَبُ لا تَعْرِفُهُ”.
8/ وعَضُّ زمانٍ يَا ابْنَ مَرْوانَ لَمْ يَدَعْ = مِنَ المالِ إلاَّ مُسْحَتًا أو مُجَلَّفُ
سأنقل هنا بعضَ ما كتبه الشيخ محيي الدين عن الشاهد في حاشية الإنصاف 188، 189 : … “واعلم قبل كلّ شيء أن أصل الرواية في هذا البيت على ما رواها المؤلف بنصب “مُسْحَتًا” ورفع “مُجَلّف” وقد تكلّم العلماءُ في ذلك، فأطالوا وقالوا فأكثروا وتَعِبُوا في طلب الحيلة ولم يأتوا بشيء يرتضى هكذا قال ابن قتيبة، وقال الزمخشري كلامًا قريبًا منه، ونحن نذكر لك أربعة تخريجات لهذه الرواية الأصلية :
التخريج الأول : أنّ قوله “مُجَلّف” مبتدأ حُذِفَ خَبَرُهُ …
والثاني : أنّ “مُجَلّف” فاعل بفعل محذوف دلّ عليه سابقُ الكلام، والتقدير : أو بَقِيَ مُجَلّف؛ لأنّ قولَه “لم يدع إلا مُسْحَتًا” معناه بَقِيَ مُسْحَتٌ، …
والتخريج الثالث : أنّ قوله “مُجَلّفٌ” معطوف على قوله ” وعَضُّ زمانٍ” في أول البيت وهو مصدر ميمي بمعنى التجليف، وليس اسمَ مفعول … وهذا توجيه أبي عليّ الفارسي.
والتخريج الرابع : أنّ قولَه “مُسْحَتًا” اسمُ مفعول منصوب على أنّه مفعولٌ به لقوله : لم يَدَعْ، وفيه ضميرٌ مستترٌ نائبُ فاعلٍ، وقولُه “أو مُجَلّفٌ” معطوف على الضمير المستتر في مُسْحَت، وهذا توجيه الكسائي. ومن العلماء من ذهب يغيّر في رواية البيت أو في تفسير كلماته…
9/ من قَتْل وأما أَسْ
لم أعرف عنه شيئًا، ولكنّي أخمّن أنّ الضرورةَ فيه حذفُ الراء من كلمة الأَسْر.
10/ تَرَى النّاسَ ما سِرْنا يَسِيرُونَ خَلفَنا = وَإنْ نَحْنُ أوْمَأْنَا إلى النَّاسِ وَقَّفُوا
ليس من شواهد الضرورة.
11/ كَأَنَّا يَوْمَ قُرَّى إ = نَّما نَقْتُلُ إِيَّانَا
ورد هذا البيت عند سيبويه مرتين :
الأولى : في باب مالا يكون الاسم فيه إلا نكرةً، ومعه بيت آخر هو موضع الشاهد، وهو قوله : قتلنْا منهمْ كلَّ = فتًى أَبيضَ حُسَّانا، على أنّ كُلًّا نكرةٌ، ولا تضاف إلّا إلى نكرة، ولا توصف إلا بنكرة، وكذلك ما تضاف إليه، وهنا وصفت كُلّ بأبيض وحسان، وهما نكرتان،. ولم يعرّج سيبويهِ على الضرورة في البيت الأوّل في هذا الباب.
والثانية : في باب ما يجوز في الشِّعْرِ من إيّا ولا يجوز في الكلام : قال سيبويه : فمن ذلك قولُ حُمَيْدٍ الأرقط :
إليكَ حَتَّى بَلَغَتْ إيَّاكَا
وقال الآخر لبعض اللصوص :
كأَنَّا يومَ قُرَّى إ = نَّما نَقتلُ إيَّانَا
قتلنا منهمُ كُلَّ = فتًى أَبيضَ حُسَّانا” انتهى الباب.
وبما أنّ عنوانَ الباب ليس واضحا كما يجب، وسيبويه لم يبين الضرورة واختلافها في البيتين، لكنّ ظاهر كلامه أنّ استعمال الضمير المنفصل هنا هو الضرورة، وعلى هذا فهم كثير من النحاة أنّ الضرورة هنا هي وقوع الضمير المنفصل موقع المتصل، والزمخشري منهم فقد فهم أن الضرورة في البيت الثاني هي نفسها في بيت حُميد، وفَهِم ابنُ عُصْفُور وغيرُه أنّ الضرورةَ شيء آخر، قال ابن عصفور : كان الوجه أنْ يقول : إنما نقتل أنفسنا، كما قال تعالى : {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا}، فوضَعَ الضميرَ المنفصل موضعه لما اضطرّ إلى ذلك، وكذلك فهم ابن مالك، وأشار إلى وهم الزمخشري في قوله : إنّما نقتل إيّانا، قال :
“فظنّ أنه من وقوع المنفصل موقع المتصل، وليس كذلك؛ لأنه لو أوقع هنا المتصل فقال : إنما نقتلُنا لجمع بين ضميرين متصلين أحدهما فاعل والآخر مفعول مع اتحاد المسمّى، وذلك مما يختصّ به الأفعال القلبية، وغَرّ الزمخشريّ ذكر سيبويه هذا البيت في باب ما يجوز في الشعر من (إيّا)، ولا يجوز في الكلام، ثم قال : فمن ذلك قول حُميد الأرقط : إليكَ حَتَّى بَلَغَتْ إيَّاكَا، فهذا ونحوه مخصوص بالشعر، لأنّه لولا انكسار الوَزْن لقال : حتى بلغتْكَ، ثم ذكرَ البيتَ الذي أوّلُه (كأنّا)، لا؛ لأنّ ما فيه لا يجوز إلاّ في الشعر بل لأَنّ (إيّانا) مُوْقَعٌ فيه مَوْقِعَ أنفسنا، فبَيْنَهُ وبين الأوّل مناسبة من قِبَلِ أنَّ (إيّا) في الموضعين واقعٌ موقعًا غيرُه به أولى، لكنّ في الثاني من معنى الحصر المستفاد بإنّما ما جعله مساويًا للمقرون بإلاّ فحسُن وقوع إيّا فيه كما يحسن بعد (إلاّ)، وهذا مطرد فمن اعتقد شذوذه فقد وهم” شرح التسهيل 1/ 148، 149. وقد بحثت هذه المسألة في بحث بعنوان : مسائل التركيب والإعراب بين الزمخشريّ وابن مالك : 11، 12.
12/ ومِحْوَرٍ أُخْلِصَ مِنْ مَاءِ اليَلَبْ
أكتفي بما جاء في ضرائر ابن عصفور 246، ونصّه : “والضربُ الذي لا يجوز في الشعر ولا في الكلام ما يجيء على طريق الغَلْطَةِ؛ لأنّ الغالطَ لا ينبغي أنْ يُتّبَعَ على غلَطِه، نحو قوله :
والشيخُ عثمانُ أبو عفّان
فكنّي عثمانَ أبا عفّانَ على وجه الغلَطِ، وإنما كُنيته أبو عمرو، وعفَان اسم أبيه …
ثم قال : … وقول الآخر :
ومِحْوَرٍ أُخْلِصَ مِنْ مَاءِ اليَلَبْ
يريد : الحديد، فغلِط فجعل اليَلَبَ الحدِيْدَ، وإنّما اليَلَبُ (جُلُوْدٌ) يُضَمُّ بعضُها إلى بَعْضٍ، ويُجْعَلُ تحت البَيْضِ وِقَايَةً. وكأَنَّ الذي غلَّطه قولُ عمرو بن كلثوم :
علينا البَيْضُ واليَلَبُ اليَمَانِي
فتوهّمَ أنَّ اليَلَبَ أجودُ مِنَ الحديد”.
13/ … مُحْكَمَةٍ مِنْ صُنْعِ سَلاّمِ
البيت للحطيئة وهو بتمامه :
فيهِ الرِّمَاحُ، وفيه كُلُّ سَابِغَةٍ = جَدْلَاءَ مُحْكَمَةٍ مِنْ صُنْعِ سَلاّمِ
جاء في ضرائر الشعر لابن عصفور ص 168 فيما ضَرُورتُه حذْفُ كلمةٍ قال : “ومنه : حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه من غير أنْ يدلّ عليه، معنى الكلام، بل شيء خارج عنه … وذكر عددًا من الشواهد ومنها “قول الحطيئة :
فيهِ الرِّمَاحُ وفيه كُلُّ سَابِغَةٍ = بَيْضَاءَ مُحْكَمَةٍ مِنْ صُنْعِ سَلاّمِ
يريد : من صنع أبي سَلَّامٍ، وأراد بسَلَّامٍ سُليمان، صلوات الله عليه”.
وفيه أيضًا عند إبدال كلمة بكلمة وما يكون منه ضرورة، قال ص 239 : “ومنه : إبدال اسم مفرد من اسم مفرد. وهو على ضربين : ضرب جائز في الشعر دون الكلام ينقسم أربعة أقسام :
أحدها : أن يشتق للمسمى من اسمه اسماً آخر ويوقعه عليه بدل اسمه، نحو قول الحطيئة :
وما رَضِيْتُ لَهُمْ حَتّى رَفَدْتَهُمُ = من وائلٍ رَهْطِ بَسَّامٍ بِأصْرامِ
فيها الرِّمَاحُ وفيه كُلُّ سَابِغَةٍ = بَيْضَاءَ مُحْكَمَةٍ مِنْ نَسْجِ سَلاّمِ
يريد : بِسَلّام سليمان عليه السلام. وسهّل ذلك كونُ سليمانَ وسلّامٍ المشتقِّ منه يرجعان إلى معنى السّلامة”. [يلاحظ تغير الرواية في البيت موضع الشاهد]، والبيتان في ديوان الحطيئة 227، هكذا :
وما رَمَيْتَ بِهِمْ حَتّى رَفَدْتَهُمُ = من وائلٍ رَهْطِ بِسْطَامِ بِأصْرامِ
فيهِ الرِّمَاحُ وفيه كُلُّ سَابِغَةٍ = جَدْلَاءَ مُبْهَمَةٍ مِنْ صُنْعِ سَلاَّمِ
وقد سبق القزاز القيرواني في ما يجوز للشاعر في الضرورة : 322 ابن عصفور إلى شرح الضرورة في البيت بعبارة جامعة بين الوجهين، قائلا : “ومما يجوز له [يعني الشاعر] : تغييرُ الأسماء، كما قال الأوّل :
ونَسْجُ سُلَيْمٍ كُلَّ قضَّاَءَ ذَائِلِ
يريد بقوله : سُلَيْم : سُليمان، … ثم قال : ومثله قول الآخر :
جَدْلاَءَ مُحْكَمَةٍ من نَسْجِ سَلَّامِ
يريد أيضاً : سُليمان، وهما يريدان بذكر سليمان أباه؛ لأنّهُ أوّلَ مَنْ عَمِلَ الدَّروعَ، فغيّر الاسمَ هذا التّغييرَ، وأرادَ داوُدَ فذكر سليمانَ.
المصادر :
– الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين، لأبي البركات ابن الأنباري 513 – 577، ومعه كتاب الانتصاف من الإنصاف، لمحمد محي الدين عبد الحميد، دار الفكر.
– بحوث ومقالات في اللغة، د رمضان عبد التواب، نشر داري الخانجي، والرفاعي، ط1، 1403.
– خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، لعبد القادر بن عمر البغدادي 1030 – 1093 هـ، ط 4، 1420 هـ، مكتبة الخانجي بالقاهرة.
– ديوان العجاج، روايةُ عبدِ الملك بن قُرَيبٍ الأصمعيِّ وشرحُه، تحقيق : عبد الحفيظ السطلي، توزيع مكتبة أطلس، دمشق.
– ذم الخطأ في الشعر لابن فارس اللغوي 395 هـ، تحقيق وتقديم وتعليق : رمضان عبد التواب، ط 1، 1980م، مكتبة الخانجي، القاهرة.
– شرح التسهيل، لابن مالك ، تحقيق : د. عبدالرحمن السيد و د. محمد المختون، هجر للطباعة ط1، (ج ع م).
– الصاحبيّ في فقه اللغة لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا 395هـ، تح : السيد أحمد صقر، مطابع عيسى البابي الحلبي القاهرة.
– ضرائر الشِّعْر، لعلي بن مؤمن بن محمد، الحَضْرَمي الإشبيلي، المعروف بابن عصفور المتوفى : 669هـ، تحقيق : السيد إبراهيم محمد، نشر دار الأندلس، ط 1، 1980م
– كتاب سيبويه أبي بشر عمرو بن عثمان بن قَنبر – 180 هـ، تحقيق : عبد السلام محمد هارون، ط 3، 1408ه،ـ مكتبة الخانجي بالقاهرة.
– ما يجوز للشاعر في الضرورة، للقزاز القيرواني 322 – 412، تحقيق : د. رمضان عبد التواب، ود. صلاح الدين الهادي، نشر دار العروبة بالكويت بإشراف دار الفصحى بالقاهرة.
– مسائل الإعراب والتركيب بين الزمخشريّ وابن مالك، نشر في مركز بحوث اللغة العربية وآدابها بمعهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي، بجامعة أم القرى عام 1430هـ، 2009م.



اتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني*

رسالة *

جميع الحقوق محفوظة لــ - دار الاصمعي - 2021 ©